طيف السومري
في إنجاز علمي قد يفتح أفقًا جديدًا في الرياضيات، توصل أحمد عدنان، طالب عراقي يبلغ من العمر 24 عامًا، إلى نتيجة غير متوقعة تتعلق بدالة زيتا-ريمان، إحدى أبرز المعادلات في نظرية الأعداد. أحمد أثبت أن نتيجة الدالة عند القيمة (-2) ليست صفرًا كما كان شائعًا، بل عدد تخيلي يساوي (i/84). إذا تأكدت صحة هذا الاكتشاف، فقد يُحدث تحولًا مهمًا في مجال الرياضيات.
من جلولاء إلى بغداد: رحلة مليئة بالتحديات
أحمد عدنان طعمة، الطالب الجامعي الذي ينحدر من مدينة جلولاء التي تقع شمال شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى، عاش ظروفًا صعبة بعد تهجير عائلته إلى بعقوبة عام 2014. على الرغم من التحديات، واصل شغفه بالرياضيات، بدأ مسيرته الأكاديمية في مجال الرياضيات من كلية التربية للعلوم الصرفة في بغداد، حيث لاقى دعمًا من أساتذة مرموقين ساعدوه في تعزيز فضوله العلمي. واصل أحمد تطوير شغفه بالرياضيات، متجاوزًا اهتمامات عائلته بالرياضة، فقد كان والده بطلًا في كمال الأجسام، بينما كان هو مهتمًا بحل المعادلات الرياضية التي كان يراها غامضة. يقول أحمد: “شعرت أن شغفي لم يكن بالرياضة، بل بالعلوم، خاصة المعادلات الرياضية التي لم أتمكن من إيجاد تفسير لها”.
التحديات والإصرار:
أحمد لم يكن يلقى تشجيعًا كبيرًا من محيطه في البداية. يروي قائلاً: “كان الجميع يعتبرني فتى غريب الأطوار، لم يتقربوا مني. كنت أتابع مسلسلات علمية وأعشق أعمال ألبرت أينشتاين، وكنت أقول لوالدتي: “سيأتي يوم وأصبح مثله. كان هذا هو الدعم الوحيد الذي تلقيته”. لكن هذا لم يوقفه، بل دفعه للإصرار على التعمق أكثر في دراساته.
“منذ طفولتي، كنت أبحث عن إجابات للأسئلة التي أطرحها على نفسي، رغم افتقار البيئة من حولي إلى مراكز علمية”، يروي أحمد. ويضيف أن انتقاله إلى بغداد منحه فرصة لتطوير موهبته بدعم من أساتذة في مجال الرياضيات.
دالة زيتا–ريمان: شغف يقود إلى اكتشاف
بدأ اهتمام أحمد بدالة زيتا-ريمان أثناء دراسته الجامعية، وهي معادلة رياضية تشغل علماء الرياضيات منذ قرون. نتيجة فضوله العلمي وإصراره على التحقق من معادلاتها، توصل إلى نتيجة تخالف ما كان معروفًا سابقًا. هذا الاكتشاف جرى عرضه على لجنة علمية متخصصة في جامعة بغداد، حيث أكد الدكتور سعد ناجي، رئيس اللجنة، أن “خطوات البرهان التي قدمها أحمد صحيحة من الناحية العلمية، مما يجعل اكتشافه جديرًا بالمناقشة العلمية على مستوى دولي”.
بين الإنجاز والتحديات
رغم هذا الإنجاز، واجه أحمد تحديات في نشر بحثه والحصول على الاعتراف به. يقول أحمد إنه لم يتلقَّ الدعم الكافي من المؤسسات المحلية، مما دفعه للاعتماد على جهوده الخاصة بمساعدة بعض أساتذته، مثل الدكتور شاكر محمود سلمان من جامعة ديالى، الذي وصف أحمد بأنه “طالب مجتهد يسعى باستمرار لتطوير مهاراته العلمية.”
أحمد أرسل بحثه إلى عدد من المجلات العلمية الرصينة خارج العراق. ورغم تردد بعض المجلات في تقييمه بسبب حساسية الموضوع، نجح في النهاية بنشره في مجلة أمريكية متخصصة.
الأهمية العلمية للاكتشاف
إذا ثبتت صحة نتائج أحمد، فقد تؤثر على العديد من المجالات التي تعتمد على نظرية الأعداد، مثل التشفير الرقمي والخوارزميات الحاسوبية. ومع ذلك، يشدد خبراء على أن الاكتشاف بحاجة إلى مزيد من التدقيق العلمي لتأكيد أثره.
الإهمال والتجاهل:
على الرغم من الإنجاز العلمي الكبير الذي حققه، لم يحصل أحمد على التقدير الذي يستحقه في جامعته، حيث يروي قائلاً: “في جامعتي، كان الجميع يحصل على كتاب شكر على أقل تقدير، لكنني لم يُذكر اسمي إلا من زملائي في السكن الجامعي الذين احتفلوا بنجاحي.”
دعوات لتقدير المواهب
يشير الدكتور سعد ناجي إلى أهمية دعم الطلاب المبدعين مثل أحمد من خلال برامج الابتعاث والتقدير الرسمي، قائلاً: “إن إرسال أحمد إلى الخارج لاستكمال دراسته سيكون استثمارًا في مستقبل الرياضيات العراقية.”
الانتقال إلى العالم:
بعد دعم الدكتور شاكر وإرشاده، تم نشر بحث أحمد في مجلة علمية أجنبية تمتلك القدرة على تقييم البحث بشكل علمي دقيق. وأخيرًا، أصبح اكتشافه معروفًا في الأوساط العلمية الدولية، ما يفتح أبوابًا جديدة لتطبيقات الرياضيات على نطاق عالمي.
ويستمر الطموح: “هذه ليست سوى البداية”
رغم التحديات التي واجهها، يطمح أحمد إلى أن يكون اكتشافه بداية لمساهمات علمية أخرى. يقول: “هذا مجرد بداية. أريد أن أساهم في حل ألغاز رياضية أخرى، وأثبت أن الإبداع يمكن أن يولد من أي مكان، مهما كانت الظروف.”
هذا التقرير أنتج بدعم من برنامج Qaribmedia الممول من CFI و AFD