طيف السومري
اسمه أصبح يتناقل حول العالم، وما تصنع يداه… فالحاج محمد موسى، ذو العقود التسعة من العمر، بات يتردد صداه بين البلدان، بعد أن لعبت الصدفة دورًا في تغيير حياته إلى الأبد
فبحسب أهالي مدينة ديالى، فإن الحاج موسى هو ثاني أقدم بائع مخلل في مدينة بعقوبة، بعد الحاج جاسم الطرشجي، وأمسى من أشهر بائعي المخللات نظرًا إلى النكهة والطعم المميزين اللذين تتميز بهما مخللاته، حتى ذاع صيته في مختلف مدن العراق، إلى جانب العديد من الدول الأخرى.
وُلد الحاج موسى في مدينة بعقوبة عام 1940، وبدأ مهنة صناعة المخللات منذ عام 1956، عندما تذوق عن طريق “الصدفة” طعم المخلل المميز الذي يُعد في مدينة السليمانية خلال إحدى سفراته إليها في أقصى شمال العراق.
فيقول: “تذوقت مخللات مصنوعة بخل العنب الطبيعي في محافظة السليمانية وأحببتها جدًا، لذا فكرت بإعدادها”.
مبينًا: “اطلعت على أنواع مختلفة من المخللات اللذيذة وطرق إعدادها على يد المهرة من أصحاب هذه المهنة في العراق قبل أن أبادر إلى إعدادها بنفسي واتخذ من صناعة وبيع المخلل مهنة لي.”
لافتًا: “بدأت بالعمل دون أن يعلمني أحد، بل من خلال عدة تجارب، معتمدًا بذلك على الثمار الطازجة”.
كل زبون يحضر وعاءه معه
من جانبه، يستذكر الحاج حازم خلف، أحد قدامى سكان مدينة بعقوبة، بابتسامة عفوية كيف كان باعة المخللات يلزمون الزبائن بجلب وعاء معهم لشراء “الطرشي”. فيقول: “كان على من يريد شراء الطرشي أن يجلب معه وعاء من الفخار، لعدم توفر الأكياس البلاستيكية أو العبوات كما هو الحال الآن.”
ويضيف: “كان الحاج موسى يعمل في شارع الحسينية وسط سوق بعقوبة منذ 45 عامًا، قبل أن ينتقل بعدها لمنطقة (العنافصة)، ومن ثم إلى موقعه الحالي في سوق العرائس”.
و”العنافصة” هي محلة في بعقوبة أطلق عليها الأهالي هذه التسمية لكونها كانت تحوي تجمعًا لبيع وشراء الحمير والدواب.
أما سوق العرائس فيُعد من أعرق الأسواق في مدينة بعقوبة القديمة، وقد اندثرت مبانيه تدريجيًا بسبب تشييد مبانٍ جديدة، ويتحول إلى سوق أثري شعبي قديم لا يحوي سوى بعض محال أصحاب المهن القديمة المتوارثة، أمثال الحاج محمد موسى.
يقول الحاج موسى: “زبائني يعرفون مكاني ويأتون، رغم أن محلي لا يحمل اسمًا، من كل مناطق محافظة ديالى وكل محافظات العراق”.
ويتابع بزهو: “لدي زبائن من أغلب القارات، مثل أوروبا وآسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية والشمالية”.
مشيرًا: “أغلب العراقيين المغتربين يطلبون المخللات مني عند زياراتهم إلى العراق.”
ويعزو الأستاذ صلاح عبد الوهاب، أحد معاصري الحاج موسى القدماء، ازدياد إقبال الزبائن على مخللاته لعدة أسباب، منها النكهة التي تتميز بها منتجاته، إلى جانب التزامه المفرط بالنظافة.
ويقول: “عرف الحاج موسى واشتهر بجودة مخللاته التي يعدها بالمواد الطبيعية والخل الطبيعي الذي يصنعه بنفسه، واشتهر بنظافته المفرطة التي يحبها كل زبائنه”.
مشيرًا: “منذ عرفته، لا يترك قطعة القماش التي ينظف بها الأشياء من حوله، وهذا ما ميزه عن غيره، حيث كانت عربته تبدو زاهية وجميلة دائمًا، كمحله اليوم.”
أنتج هذا التقرير بدعم من برنامج قريب ميديا الممول من CFI و AFD