ثلاثـــــة وجـــــوه لغــــــائـــــــب
مجموعة شعرية
ليــــــلُ الــرّغــــائــــب
عمار عبدالخالق
يا لهُ من ليلٍ للرّغائبِ يا أمَّ الفلاح
أعجازَ نخلٍ أصبحوا
عظامًا ما أدركها الماء لحظة بين شفاه القصب
وجهُ النهار يتكئ الآن على صوت أخيه
تكادُ القبلة الأولى تكون ثمن النهاية!
“كل يوم الدنيا تبز عيني”!
المياه الخفيَّةُ ترقص بلا نقاط
أُمّة تتناسى أسماء أولادها
ليكبروا بين جدائلها المحمّلةِ بالبذورِ البيضِ
والبراهين الملحيّة
بلسانٍ تلتمعُ تسبيحة اليقينِ فيهِ
وترددُّ: “ربيت الولد ورباي أريده”.
ثمة مُتعدٍّ بحرف واحد اختفى بين أنفاس الحصاد الأول
قد حالت السياط على جسده
هوَ الآن يعرب النص الأخير…
لحروف العلّةِ لصٌّ ماهرٌ بالتجذيف
على أجنحة “الأرافل”[1]!
كان يعشق عمرهُ وطيره في لحظة
اختفاء على يد النابل الملطّخ بالمعادنِ
والحابل يقيس قيمته النقدية حسب طول وعرض البستان!
نسيَ المطال معجماً لغوياً وهوَ يُطيل نظراته عليه!
بتلك الليلة المرنةِ ببلاغةِ القرى
صاحتْ أمّه:
“يمّه عدوك عليل”
يا أماه
تمهّلي قليلاً
قبل أرقام العدّ والفرز وأيام الحزّ بالحكمةِ
وضعت قبلة الوجود وعقيدة الشفاه وخطايا راعٍ
على مجذافنا الأسمر
ونسيتْ عكّاز سرير الهور دون رداء!
“لگعد على درب اليمرون… وسايل اليرحون ويجون”
بين أيدي المردي الغليظِ
وضعت خاتمي الفيروزيّ المنقوش باسمِ “علي”
أعرف الآن
أنا عليّ
أصبح العاگول الأكبر سناً
يحوم بين القرى
ويسأل أمّه
هل مازال الكحل يُغطي عين الصحراء؟
أم جف على تلك المعتزلةِ
من سيقنع البدايات أن لا تبدأ أصلاً!
حتّى العشب أعلن حداده
وتخطى بيدر الموقف عند النهايات المختومةِ في مبنى براءات!
يا أمّاه
لم أصدّق قولكِ وأنتِ تلبسين الچرغد
وتقصين بأفواهنا طعامنا النحيل
لكن تذكرت الآن
عند جفاف المعتزلةِ ودجلة في آن واحد
مرَّ الساقي بمشحوفنا
استيقظ فراتنا النائم بحضن أمّه
على أطرافِ القاع
وأنا أتخيلُ أن أرى وجهك وفمكِ اليافع بالحكمة : “ريت الحبايب لگط ݘلَّةْ… والگط نهار الصيف كلّه”.
ثلاثة وجوه لغائب
احمد الظفيري
1-الأمنية الباقية
غاب وفي قلبه
أمنية غافية
غاب وفي فمه
أسطورة التلبيس والرضاعة !
مطفأةً
مضاعة !…
غاب وفي رأسه
مدينة نائية ، بلا دهاليز ولا خلجان !
الشمس في هوائها تطوف…
تفتح كل باب
وتكسر القضبان…
غاب وفي خلده
قضية يعرفها العصفور
تحنو عليها كل زهرة
ولم تزل .. في رأسه تدور …
2-الطقوس
ينهض كل ليلة من موته الواجب
كي يشهد الصلاة
كي يصلي…
يدور في محرابه الناشب !
ومثل أي زوبعة
يمضي الى طقوسه
معلبا ، بملحها الراسب.
3-التلقين
قالوا لا تسأل أين وكيف ؟
فالوطن الثدي…
الوطن السيف…
وليبقى رأسك ممدوداً…
وليبقى الفم
أفق مفتوح للصحو وللغيم
الحرب قلادة
ولتبقى شجرا ووسادة
وليبقى الدم
قرباناً ،
للوطن – الأم …
النهــــــــــرُ أيـــــــــادٍ طويـــــــلة
عمار عبدالخالق
إنْ تكن الغابةُ رؤوسًا حائرةً أكثرَ
فإنَّ النهرَ أيادٍ طويلة.
يا لها من خدوشٍ في آخر بستانٍ عارٍ من
زلال!
لا تكتب عن طفولتك الغجريّةِ المدفونةِ
بالفصول الأربعة
أو كيف ينامُ القتلى بمسجد النجلاء[2]
إنما فكرةٌ
عالقةُ
اليدِ
كالخبزِ
إنما الحبر مثلٌ
في قصر العدالةِ
لا تكتب عن صحراء أنتاركتيكا
فالأشجار فكرةٌ أيضًا
أتعبها فأس الرغبات بعاداتها وتقاليدها
لا تكتب عن سنجار[3]؛
النزوحُ فكرةٌ مُسنّةٌ بين اليابسةِ والماء
||
فكرةً ساخنةً لإخفاء الأصوات في الغرف المظلمة
كالموت الآن يلعب الغميضةَ، ويفتح يديه للأطفال
ويعانقُ “صباحَ الخير” في العزاء
لتمرير الأجساد
بخفتها الثقيلة
||
“دللول” تدخل من باب القبائل تحطُّ بزاوية البيت
تعانق برشاقتها عائلة النخل
فالثمارُ بابُ الخليقةِ.
||
لا تحلمْ بالتاج
اضحك
لمرثية
البكاء بالخير
كأنّك تكتب جملة مغيبة ومعقدة في آن واحد
بفم الحافلة الطويلة
ثمَّةَ مكانٌ قصير ستسقط منه الكلمة
ليرى الجالس في المقعد الأول
أن النعاس أدرك فستان “الجلجلة”
وترهل المعنى وابيضت الحنطة على وجهٍ من فرط بكائه على صنوبر الأمس!
قد عطش البريسم
وأحرقوا خيطه الطويل في رزنامة بستانه القصير
ليصبح تارةً ملصقات على جدران
وتارةً أخرى أجنحة
لا تقبل الطيران بسماء الطائفة المفقودة
||
لا تحلمْ يا صديق الركن الغليظ
شهرزاد تنتظرُ بقايا الرؤوس تهَيؤ عباءتها لشهريارَ قادم !!
يحُلم برأس السنةِ” ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ” ليعود سنبلة طريةِ لنخلة الاعتراف !!
جالسًا بهيئة كاهن أعمى يقرأ سورة ” الأنفال “
ويضيء المواقد عرشًا بالأخاديد
إنها الحكمة المتروكة على سرير البرية
ليقنعها أنها الناجية الوحيدة
من طاولة النظام الطويل وبنود الحرب!
هو لا يعرف أن صلصلة الخلخال
تصل
الإيماءات كبرت!
والموتى أدركوا أن صاية الناجي ضاعت في العراء الآن
ثمّة شفاهٌ تبحث عن الصيّاد
قد أضاعت المعاصم بين القرابين!
أمّ السباع[4]
تعرّي وجهُ الطلاسم
العراء كان ثوبه الأكبر في “وادي السباع”
إذ حمل أخطاءه الأخيرة
ونسي الأولى من شدّة التلاميح
كلّ شيءِ هذه المرّة
صار توضيحاً لا بدّ منه بظل الكلمةِ على كتف الطلاسمِ
أقنعوه أن يحب الماء
ليعرّي نفسه أمام وجه الشعارات المذعورةِ بالظمأ!
يا إلهي
إنّه رقص بمواطىء اللافتات المُصفرَّة بالأفواه
ونسي ربطة عنقه تلوح بين البراميل النفطية
كدرويشٍ يلعبُ بعين التيه
ما نجوى نخلته المفزعة وهي تنذر الأسماء النادرةِ
أمام تماثيلهم الفاتنة بالصلوات ومدورةِ بالمجاز
لا ترى الحائط ملوناً بالأسود والأحمر
هذهِ اعترافات
لا أحد يصدق إنهُ مأتمٌ
لا محلّ لها من صيحةَ التنهيدةِ الكبيرة على كحيلانه الجامح بالكشفِ على بئر!
يا إلهي
“ليلارس” زهرة تتدلّى بثمرتها اليابسة حشود الزيتون!
وترفضُ إلى الآن خطاب رغيفهم
يحاولون إقناعها بعد جوعها الأسمر
ما نجوى أولادها يتساقطون كذبول طابوق المئدنةِ بعد صلاة الجنازةِ!
يا إلهي
إننّي أرى النشّاب يُنبته رجلاً في لوحة المنزل
ويترك وصيته عند حافة الوسادةِ… النعاس أصاب النخيل يا امرأة
ما بكِ تدفعين ثمن الخيط لإبرةٍ طافت إيماءتها المرسى!
لا تسألين عن أراضٍ إشارتها قد
حزّت رأس الصفصاف
وفضاء السلاسل إلى الآن ينتظر النجاة!
يا إلهي
وهم يفتشون عن ثيابهم “بين النهرين”
أتعبهم معطف “أوروك” وهوَ يغتسل لأوانه في ساعة النّدبةَ
أطفئ إنارة الستارة لمرّة واحدة
وضع في يدهم النحيب البارد على الأقل
أو أشلاء من الكولاجات القديمة
سترى في جلدهم النحيل خطوطاً من الظل والضوء
وعلامةً كبيرة لقوس التنصيص
حاول أن تفتح إشارة القوسان الهلاليان من الرقبة!
وعند فتح السجل الرسميّ للنزوات
ضع تحت اسمه المترهل العلامة المماثلة
لقد أدنى من السلم المتين
في آية الأحزاب
وأغمض كفيه لماءٍ مهين
ليكمل مشاهده الأخيرة في الأغلال!
يا إلهي
قُلْ لهم إن فزعوا منه ليطلقوا سراحه أهل الزمر
لي أجلٌ مُسمى ليعود إلى فاتنته “لارسا” [5]مولوداً جديداً بالأبجديّات وماهراً بكرة سكواش، هو
قديس النرد في صحرائهم
عطش ضميره فاخضرَّ اسمه باللغز
قبل العراء كان أسمالاً من الشذرات وحكاءً بالقتلةِ عبر خيمته مقهى “أم السباع”!
يا إلهي
اختفى سنّ العقل الآن… وناب الذيب رهينة المزايدات
عند دكان بائع الأحجار في المنافذ!
قبل اقتلاع نسلك بين أرضهم وجمهورهم
شاهد معهم مباراة العبء
نادِهم بأسماء أمهاتهم قبل المناقصةِ على رؤوسهم المتهرّئة بالحداد والمرفوعة بالحصارات
والناحلة عند الموضع!
تقول أمّ القصيدةِ عن أبنائها “لارسا، إيسن[6]، نمرود، الشناشيل: أضعنا المهد في الأهوار غارقاً ومعصوب العينين!
وجئنا نبحث عن سر التظليل في لوحاتٍ نحملها على أكتافنا مشوهة ننقلها من شق الغرفةِ
إلى جزار الأدعيةِ
ابتهالات (موفق محمد)
احمد الظفيري
في صباح العيد..تخرج الأمهات
في كامل استعدادهن..للبكاء
أسراب من الغربان..تتبعها أسراب
يتكومن على القبور
إلا امرأة، تقف عند بوابة المقبرة
فليس لابنها قبر لتحتضن ترابه
تقف بهندام أسود يليق بالحزن
تنادي: ( ولك يمة حسن)
وما من مجيب
فحسن مشغول بجمع أشلائه
يتذكر أنهم حين عصبوا عينيه..لم ير بعدها رأسه!
لكنه ظل يسمع صوتاً بعيداً يعرفه:
( لا كبر واتهدل إله
والهم ترابه وأسأله
الكلب صاير كربلا
ولا خط يجي عن موتك)
كان حسن يحفظ قصائد موفق محمد
فقد كان يعرف جيداً أن ” لا حرية تحت نصب الحرية”
وكانت أمه تتقن حفظ النعاوى، فتردد في سرها وبلا مناسبة:
(كون البجي يرجع اليموتون
أبجي لمن تعمن يالعيون)
وها هي الآن تبكي وعيناها ترنوان نحو الفراغ
صورته في جزدانها، تجاورها قطع من عملات نقدية صغيرة
وشرائطا خضر، جمعتها من مراقد الأولياء الذين تعرفهم..والذين لا تعرفهم
تخرج صورته لكل الأمهات، تتباهى بجماله
وحين تُسأل عنه، تقول: كان يحب موفق محمد
( يتنفس بشفته الورد، والنجم غافي بشفته
هد حيلي موتك ياحلم، يبس الطير بعشة
إن جان مت بلا كبر، آني كبر يتمشة
والكاك اقفلك بالرحم، وانطيهم اذن الطرشة)[7]
وما من أحد كان يسمعها، فكل الأمهات قصصهن متشابه
وكل الأبناء (حسن) مع فارق المسافات.
الظــــــل العـــــائـــــد
(هو طيف أخي الغائب)
احمد الظفيري
يجيؤني ظلك في غفلةٍ
يطرق رأسي ينحني
يقول:
هل مس سراب الجنون
عينيك ، هل سألت على الجبين
نجمة رعب او دنت هاجرة
هذا الحصاد المر طيف غشى
وجوهنا
اوقدنا في قفص الآخره…
قلت له:
ارقتني .. ما غبت عني ولم
تبارح شفة الذاكرة …
تزورني في يقظتي
في النوم ، في كل حين
ترمقني بنظرة عاتبة
كأنني خيولك الغائبة
ونبضك المستحيل…
أربعــــــة وجــــــوه للغــــــائـــــــب
احمد الظفيري
(1)
((غبت وما غبت عن ضميري))
وانسحبت خطاك صرت برقا
يشع في غيبتي وفي حضوري…
(2)
أنت غصن الطريق
أنت الرسوم…
احتوتها عيناي ، قيعان جرحي
سدما في مدارج ، والسدوم…
قبة العالم الجريح المدمى
كنت تجلو الشحوب ، أوغلت فيها
وتعرشت صرت مثل ضباب
قمر غيّبه ، الرؤى غيبه الغيوم…
(3)
للذي غاب قبل حينه أسرار…
لم يكن طينة ، ولكن شهاب
عبر الكون عند احتراق الاماني
كان مثل الصدى يبلل افقا
كدراً ، غائما يلفه اعصار ..
(4)
لم يكن اذرعا للسكون وحرفا
فيه تسافر الافكار…
صار نجما له مدار وكون…
غائرا في عروق الوجود
مثل نواةٍ
يبتدي الخلق منها…
ويستفيق النهار…
أرحــــــام النخــــــل
عمار عبدالخالق
مَن يسألُ عن الفسائلِ بسرديات الماءِ
لا نرى البابَ
لكننّا نعرفُ الطارق!
أيّة حصةٍ على اغتيال جبين النخلةِ
تكاد تُصبح نادرةً
تلك المعمرةُ في قلبها جمارةٌ مرت على أيامها
فأسٌ وأقدامٌ طويلة
بدوران رأسها طيور أبابيل تحطُّ
“السعف” بجسده بصمات من المنفى!
أيّة ثمرةٍ فلاحٍ يتكئ على خطاهُ!
||
أضعنا لفظة أسمائنا بمرارة التودّيع
أصبح الماءُ ذريعةً على أيامنا ينفضه
هم نحاتون على أزاميل أغنياتنا بنظرةِ النكبة الأخيرة بين سورة الفجرِ وأطلال النسائمِ عند رأس الحفرةِ
خارج للتو بمياه صافية
رفع البصيرة… قرأ المؤذن قصيدتهُ المعتادة:
“الغراب العطشان”
كلما ترفع زهرة الرازقي صوتها في النصِّ تُقتل بأيادٍ صرفةٍ يمتلئ بين راحتيها رخام المقاهي
ثمة مكان يخلو من ظلّ عائم لتكتمل الإشارات لأراكِ امرأة العنبر على صدر أمواجٍ من جدائلِ ذبول الشمسِ
لنصليَ على سريركِ صلاة الاختمار
||
أرجو أن تضيق بنا كلمة الاختفاء
لتتعافى للحظةٍ مبتورة
بلا طين يهيم
مرّات عديدة كان ثواب النظر غطاءً
أوطاتُ به مفتاح المملكة
الآن العناقُ الحرَ أدركته الخطيئة
مغموراً بالتعازي
||
دقيقةً مختالة
لم نُفهم فلاحنا أكثر على بعد فرسخين
يركض طفل نحيل يلبس ثوب قريته الطويل
يُفتتح الماءُ على رأس العشبِ… يُعانقه متحف العشاء الأخير.
مشى على أوتار بيضاء… قطعوا النهاوند
يضعُ كلمة “صباح الخير” كلعبيات سقط كفٌّ
بوجه البستانِ! مكتوب بين الخطوطِ
هذهِ أزياء الإقطاعيين!
يسأل أمّه “الزهرة” متى يكبر القمح ليحيا بوجه أخي الأكبر “حي الأرمن”! [8]
أين طائر العُقاب بأرضٍ امتلأت بطاقات حظّ اليانصيب
وهو يختصر صفاتِه مقاساً لأكتافنا النحيلةِ على المستديرةِ
أساطير التفاح في البستان تسرق صلاة الوتر مِن المنازل وتضعها على فم الجدران أبراجاً عاجيّة!
يا أم القرية أين نهار السنبلة الملساء في الرمل؟!
مَن أقنع الاصفرار بشتائها العابر
أين رأس النخلةِ الآن؟
يبدو أنّه يرى المنارة الموقدة قد انطفأت بعد هدم مرقد زمرد خاتون[9]!
لقد أدركهُ النعاس وهو يطوف من مجزرة الزيتون إلى أرحام النخل
هرم الآن الطفل والسهم… أصبح أنشودة الساقي!
يا أم القريةِ الطويلة!
مَن حرك الملك في الرقعة؟
وأحرق الأثل وأشجار الزيتون… وذبح طور سينين[10]!
من وضع يده على شامة المدينة
وأقنع الجزّار أننا لحماً طرياً لأولي الألباب!
بعد منتصف الآيات أين أبناء النخل؟
أين فستان الحصاد الأخير!
من فكّ أزار قميص البذرةِ!
يا أم القرية القصيرة بالبداوة
أيّة حمّالة صدر تُوقظُ قيسي من قاع بُوَيب[11]
ليدرك أن المعنى على ظهر التمائم
وبلسانه يحسبهُ أعداد القُبل بفواتير العناق القصير
كأنّه يروي فيلماً من القشّ
بساحة أول الفتنة!
أصغى الطفل والبستان والسهم على شريطٍ من الرقاب المنحورةِ:
أصوات الطيور تلوح لرقبة صباح الخير
مازال حيَّاً إنه رميم ينظرُ لجناحي أخيه تقصُّ في البركة!
ليرثها حراس الليالي: غرفةٌ ناصعة الأسماء برأس الأريكة الرطبة برائحة السدر
إنه مرّ من هنا بين أيادي الذاريات سُدى!
——
صورة معلقة على حائط قديم
احمد الظفيري
بيدي أمسح ما تبقى من غبار
وأدق مسمار البقاء لأجله
وادق في صمتي انتظار
شرخ طويل، طول مأساتي
طول دموع أمي
التي صارت بحار
لم نحتفل بالضوء
تكفي ظلمة تجتاحنا
تجتز رأس سنابل الأبصار
في كل يوم يتعاظم الشرخ
وتطول صورته… تغطيه
لكن يحاصرها الإطار
أبي… ويديه حقل من عصافير
وفي صدغيه ريحان وغار
قمصانه البيضاء تشبه قلبه…وعيوننا
على حبل الدمار
كفاه قيد، وفي أقدامه الطرقات ذكرى
ومضى بدربٍ…دون أن يلقي فتات الخبز
ليعود في نفس المسار.
الضبـــاب
(حلم جندي يبحث عن أخيه)
احمد الظفيري
سألت عنك قيل لي
هناك في (الحجاب)
وحينما هممت بالذهاب…
حملت ((بسطالي)) معي وخوذتين…
واحدة مكسورة
وعندما مشيت
رأيت نهرا أمامي …
أوله ضحالة ، آخره ضباب !
ألقيت إقدامي به
ولفني المخاض
كان عميقا جارفاً !!
وانغمرت ملابسي
وانغمر الحذاء
وطافت الخوذة بين الماء والسماء !
وكان فوق الماء
أسلاك كهرباء
حاولت أن امسكها كحبلٍ
وخفت وانثنيت
ولفني التيار في منعطفٍ بعيدٍ
ولم أصل اليكَ…
[1] نوع من الحمام
[2] العيون الواسعة
[3] مدينة عراقية تقع غرب محافظة نينوى.
[4] مقهى قديمة في البصرة.
[5] مدينة اثرية قديمة تقع جنوب العراق
[6] موقع اثري يقع شمال مدينة البطحاء في ذي قار
[7] مقطع من قصيدة “ميت انا” للشاعر العراقي موفق محمد
[8] احد احياء مدينة البصرة القديمة
[9] هي أم الناصر لدين الله العباسي، وزوجة المستضيء بالله. توفيت عام 599 هجرية/ 1202م ويقع المرقد في مقبرة الشيخ معروف في الكرخ/ بغداد.
[10] الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام.
[11] نهر صغير يتفرع من شط العرب في قضاء ابي الخصيب في البصرة.