المرأةمقالات

آريان تتحدى التقاليد: أول امرأة تعمل جنباً إلى جنب مع زوجها في خانقين”

استبرق الزبيدي – ديالى

تقف داخل كشك على نهر الوند في خانقين وتطل براسها من خلال نافذته الصغيرة على الخارج وهي ترتدي ثياب العمل، لتستمع طلبات زوجها بشار التي يوصلها  اليها من زبائنهم الموزعين على جانبي كشكهما، ” اشعر بالكثير من الحب عندما نتساعد انا وزوجي” تقولها اريان وهي تحمل كوب من القهوة لتنقلها لزوجها الذي ينتظر عند نافذة الكشك، ما ان تتجه إليه حتى ترتسم ملامح ابتسامة على شفتيها وهو يأخذ  من يدي زوجته أكواب القهوة التي سيقدمها للزبائن الموزعين على  الكورنيش” في مجتمعنا من الصعب جداً أن  نحصل على فرص عمل توفر لنا عيشة كريمة” تقولها اريان ثم تاخذ نفساً عميقاً “اردنا ان نوفر عيشة كريمة لأطفالنا وامنة لذا تشاركنا في هذا المشروع الصغير” يقاطع بشار كلام زوجته  “نحن هنا نقدم الطلبات للزبائن بحب”

اريان ذات 33 عاماً ولدت بكركوك واكملت تعليمها الثانوي فيها لكنها تركت الدراسة “كانت ظروف عائلتي صعبة ولهذا تركت الدراسة” تنظر من نافذة كشكها نحو الخارج حيث يقف زوجها بشار بالقرب من طاولة زبائن ياخد طلباتهم وترتسم على وجهها ملامح ابتسامة ” بشار احببته لانه شاب طموح كان يبيع القهوة والشاي في اسواق خانقين” 

يحمل اكوابا فارغة وهو يتجه نحو زوجته التي تقف داخل الكشك ” عندما تزوجتها ورزقنا باطفال صرنا نفكر جدياً بمشروعنا الخاص الذي يحفظ لابناءنا حياة كريمة وخاصة بعد دخولهم للمدرسة” يصل بشار بالأكواب الفارغة لزوجته التي تستلمهم منه وتكمل حديثه الذي بدءه ” متطلبات الحياة والاطفال عبء كبير علينا”.

كانت اريان تتجول برفقة زوجها على كورنيش يقع على ضفاف نهر الوند في خانقين حيث تجتمع العوائل فيه مساءاً للترفيه.

“كانت الاجواء هادئة والهواء يحمل نسمات باردة من النهر لازلت اذكر تلك اللحظة عندما فكرنا بافتتاح مشروعنا الصغير الذي لا يتجاوز كم كرسي وطاولة نقدم فيها قهوة وشاي والكثير من الحب” تقولها بابتسامة وهي تنظر لبعض الطاولات المنتشرة يميناً ويساراً على ضفاف النهر.

التشجيع والدعم المعنوي: ركيزة أساسية للنجاح 

بيدَيها الرقيقتين والماهِرتين، تمسك بالإبريق النحاسي برفق، وتغمره في الرمل الساخن بحركات هادئة ومنتظمة عيناها  اللاتي كانتا تراقبان بعناية تحول لون القهوة وظهور رغوتها ترفع دلة القهوة بحركة سريعة لتسكبها برفق داخل فنجان صغير يقدم للزبائن الذين يجلسون للاستمتاع بلحظات سحرية على النهر الصغير كما تصف أريان “زبائني هم من دعموني وشجعوني من خلال إقبالهم وتفاعلهم معي لذا هم يستحقون الحب والعناية” يقاطع بشار  كلام اريان قائلا وهو يشير  بيده لطاولة تجلس عليها امرأة مسنة برفقة ابنتيها “حب هؤلاء والعائلات الاخرى لنا دفعنا لنستمر”  تقاطع أريان كلام زوجها وبابتسامة فخر ” أحبوا ما نقدمه من مشروبات وكان تفاعلاهم معنا ايجابي” 

اريان وبشار هما اول زوجين في خانقين يعملان ببيع القهوة والمشروبات الباردة والساخنة على ضفة النهر” بعملنا هذا نكسر الصورة النمطية للزواج وعمل المرأة” تقولها اريان بينما يرى زوجها ان ما يقومان به يعكس المفهوم الحقيقي للمشاركة بين الزوجين التي تتعدى المفهوم السائد وهي شراكة منزلية. 

صوت اريان يقاطع حديث زوجها بعيونها اللامعة تنظر له” نحن نضع الحب والسعادة للعوائل الذين يجلسون بالقرب من النهر ويستمتعون بنسماته الباردة التي تُسكن القلب وتهدأ الروح كوب قهوتنا مميز لأنه مليء بالحب”.

عمل المرأة في المجالات العامة بين التقبل والتحديات 

على الرغم من ان المرأة العراقية وعلى مدار سنوات كانت 

تواجه ضغوط نفسية واجتماعية في اي مهنة او عمل تبدأ فيه الا ان اريان بدأت مشروعها متحدية العادات والتقاليد التي تحجم من دور المرأة في العمل خصوصاً في الأعمال الحرة التي تكون وسط أماكن عامة وشعبية…

بنبرة مليئة بالامتنان تتحدث اريان عن زوجها قائله” انني حظيت بتشجيع كبير ومساندة قوية من زوجي وهذا ما ساعدني على تجاهل المضايقات والمصاعب والعمل بسعادة وقوة عالية انعكس بشكل إيجابي على الزبائن “

تشير اريان الى اهمية تشجيع المجتمع للفتيات والنساء العاملات في قطاعات العمل خصوصاً في ظل التحدّيات على المستويين الشخصي والعام، ومع تدني المستوى المعيشي والإقتصادي يجب تشجيع النساء وتقديم الدعم لهن للعمل والانخراط في مختلف المجالات والمهن.

 اريان تفتخر كونها المرأة الوحيدة في خانقين التي تعمل مع زوجها في مكان عام وسط مجتمع محافظ، وهدفها مساندة زوجها وتخفيف عنه عبء المسؤولية بسبب البطالة وقلة فرص العمل في العراق

يجلس على كرسي وامامه طاولة صغيرة ينظر لاريان وزوجها وهما يضحكان ويعملان مع بعضهما “انا زبون قديم في المقهى واشعر بالفخر عندما اشاهد بشار واريان يعملان مع بضعهما لانهما كافحا وواجها ظروف الحياة الصعبة والبطالة وعدم وجود تعين وسعوا ليكون لديهما مشروع خاص” 

يشعر محمد لؤي بالراحة عندما يأتي مع عائلته للمقهى الصغير” من المريح وجود امرأة تتحدث معهم وتأخذ طلباتهم مما يجعل النساء أكثر شجاعة لتكرار الخروج والتنزه والتفكير بفتح مشاريعهن الخاصة فهن يرين أمامهن امرأة ناجحة تعمل وتبني مستقبلاً متحديه فيه كُل العوائق “.

المساواة في فرص العمل في المجتمع المحافظ: واقع وآفاق”

تشكّل نسبة النساء العراقيات العاملات في القطاع الخاص، حوالي 29 بالمائة من المجموع الكلي للعاملين في القطاع، بحسب ورقة بحثيةلمركز النهرين للدراسات والأبحاث الاستراتيجية.

وعلى الرغم من أن نسبة النساء في المجتمع العراقي تقارب 49 بالمئة من إجمالي السكان، إلا أن فرصهن في سوق العمل مازالت ضئيلة، إذ لا تتجاوز نسبة النساء العراقيات العاملات حدود 15 بالمائة من حوالي العشرين مليون امرأة عراقية، بينما تقع 85 بالمائة منهن ضحايا عوامل موضوعية تحجم دورهن في المجتمع عموماً وسوق العمل تحديداً.

وبهذا الصدد يقول الصحفي عباس اركوازي

“النساء لديهن فرص عمل جيدة وقد تفوق نجاحاتهن الرجال لكن التحديات التي تواجهها النساء وعدم تقبل المجتمع لعملهم بشكل كبير يقلل من شجاعة النساء على اتخاذ هذه الخطوة، لكن في الوقت الحالي أصبح تواجد النساء في سوق العمل بشكل واضح من افتتاحهن لمخبز وبعضهن محلات تنسيق ورود او يعملن في مقهى وغيرها من المهن”.

تضحيات المرأة: بين الأدوار الاجتماعية والتحديات اليومية”

في عالم مليء بالتحديات والمسؤوليات، فأن المرأة تحمل على عاتقها ليس فقط دور الزوجة والأم، بل أيضًا العاملة التي تسعى لتحقيق التميز في مجال عملها وتشارك في الاستقرار الاقتصادي للأسرة تستيقظ في الصباح الباكر، لتبدأ يومها بمسؤوليات عدة منها ترتيب المنزل ورعاية الأسرة ثم تنتقل إلى عملها لتؤدي مهامها. 

لا تتوقف عن جهدها حتى في الوقت المتأخر من الليل، حيث تعود لتكمل ما بدأته في المنزل، وتتأكد من راحة أسرتها تمنح وقت للأطفال وللزوج، حتى لو كان على حساب راحتها قبل أن تستعد لنوم قصير يعيد تجديد طاقتها لليوم التالي.

  أريان تاخذ نفساً ثم تكمل أننا رغم التحديات والتعب نستمر كنساء في العمل ومساندة عائلتنا معبرة عن فخرها في قدرتها على التوازن بين كل جوانب حياتها، وفي كونها عنصرًا أساسيًا في استقرار عائلتها ورفاهيتها. إنها صانعة السلام والسعادة في حياتها المنزلية والمهنية، ونموذج يحتذى به من القوة والإصرار في كل المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى