استبرق الزبيدي
خلف الضجيج والفرح ومشاعر الفخر التي غمرت العراقيين بعد فوز لاعبة تنس الطاولة “نجلة عماد” بالذهبية في بارالمبياد باريس في أيلول الماضي، كانت نجلة تنزف دمًا أثناء تدريباتها. هذا ليس تعبيرًا مجازيًا؛ فقد تسبب الطرف الصناعي غير الملائم بإيذاء جسدها أثناء التمرين لأكثر من مرة، في قاعة رياضية غير مهيأة لها أو لأي من زملائها من رياضيي الاحتياجات الخاصة في محافظة ديالى.
تحت درجة حرارة تصل إلى خمسين درجة مئوية، وفي قاعة تفتقر للتكييف، يتمرن بطل آخر في تنس الطاولة، مصطفى منتصر، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، على أمل تمثيل العراق في بطولات دولية وإقليمية قادمة. ورغم ظروف التدريب القاسية، لم يتوقف عن ملاحقة حلمه.
منذ عام 2003، فشلت الحكومة المحلية والمركزية في توفير قاعات تدريبية مناسبة في ديالى، رغم مطالبات مستمرة من قِبل اللاعبين، والذين يبلغ عددهم حوالي 200 رياضي من ذوي الاحتياجات الخاصة في المحافظة.
صدّرت ديالى نحو أربعين بطلًا من ذوي الاحتياجات الخاصة، مثلوا العراق في بطولات دولية وإقليمية، وحققوا مراكز متقدمة وفازوا ببطولات محلية ودولية.
حقق مصطفى منتصر المركز الثاني في بطولة غرب آسيا التي أقيمت في البحرين، والمركز الثالث في بطولة أسياد آسيا التي أقيمت في الإمارات. واليوم، يطمح لتحقيق إنجازات دولية، حاله كحال بطل العالم لعامي 2015 و2016 عبد الرحمن قحطان عدنان، الذي يتمنى التدرب في قاعة تليق بإنجازاته، وتضمن له ولزملائه بيئة خالية من الأمراض الناتجة عن قاعات غير مجهزة.
يشير قحطان إلى الفوارق الكبيرة بين ظروفه التدريبية وتلك التي شهدها في محافظات ودول أخرى خلال مشاركاته الدولية، حيث يعاني الرياضيون في ديالى نقصًا في القاعات التدريبية والدعم اللوجستي، بما في ذلك النقل والرواتب.
في محافظة ديالى، التي تضم 40 ألفًا من ذوي الاحتياجات الخاصة، تظل البنى التحتية غير مؤهلة لدمجهم وتسهيل حياتهم، ويؤكد مستشار محافظ ديالى لشؤون ذوي الاحتياجات الخاصة، سجاد سعدون، أن قانون رقم “38” الصادر عام 2013 لم يفعّل ولم تنفذ أي من آلياته.
يشمل القانون تهيئة المدارس والجامعات ودعم مشاركة الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة عبر إنشاء مراكز رياضية وتجهيزها، لكن هذه البنود لم تُنفّذ، حسب قول سعدون.
وعلى أقل تقدير، يطالب حسام البياتي، مدرب منتخب العراق لتنس الطاولة في ديالى، وزارة الشباب والرياضة بتجهيز قاعة تدريبية خاصة بمتطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة، لاستضافة معسكرات تدريبية بدلاً من السفر لمحافظات أخرى على نفقة اللاعبين.
ويشرح رئيس اللجنة البارالمبية الوطنية العراقية في ديالى، د. أوراس عدنان حتروش، أن النوادي الرياضية لذوي الاحتياجات الخاصة تتبع إما لوزارة الشباب والرياضة أو للجنة البارالمبية، وتبذل اللجنة جهودًا لدعم الرياضيين المنتمين إليها.
وأوضح حتروش أن وزارة الشباب والرياضة تقدم دعمًا ماليًا يبلغ عشرة ملايين دينار عراقي لكل نادٍ كل ستة أشهر، بينما تُمنح الأندية التابعة للجنة البارالمبية مصاريف شهرية تتضمن أجور النقل بمبلغ ١٠٠,٠٠٠ دينار عراقي لكل لاعب.
وتستمر معاناة الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة في ديالى، حيث يتحمل بعضهم تكاليف الوصول للتدريب اليومي، طامحين لتحقيق بطولات دولية أو إقليمية، وينتظرون أيضًا تحقيق حلمهم في الحصول على مرافق رياضية مهيأة لهم ولجميع عشاق الرياضة في محافظة ديالى.
أنتج هذا التقرير بدعم من مشروع قريب ميديا Qarib media الممول من CFI و AFD