اخبار عراقيةتقاريرنامقالات

ديالى تحت وطأة حوادث السير: أزمة متصاعدة وضغط على المستشفيات

جردة 2024: "أكثر من 7000 حادث خلال العام"

قصص مأساوية من الطرقات

على طريق كركوك-بغداد، الشهير بـ “طريق الموت”، لا يمر يوم دون أن تُروى قصة جديدة عن الأرواح التي تُزهق بسبب حوادث السير. أم مصطفى، معلمة متقاعدة من بغداد، تذرف الدموع وهي تتذكر كيف فقدت نجلها وأصيبت مع ثلاثة من أحفادها إثر حادث سير منذ ثمانية أشهر. تقول: “هذا الطريق لا تكاد توجد أسرة إلا وفقدت عزيزًا به. الحادث حصل فجأة عندما انحرفت شاحنة كبيرة وصدمت المركبة التي كان يقودها نجلي، مما أدى إلى مأساة لا تزال تؤرقني حتى الآن. الحادث تسبب لي بأزمة نفسية وكسور حادة ما زلت أعاني منها حتى اللحظة. ما سقط على طريق كركوك-بغداد ربما يفوق ضحايا الإرهاب لسنوات عديدة”

أما سلطان الدليمي، موظف من بابل، فقد تعرض هو الآخر لحادث سير قبل أكثر من عام فقد فيه شقيقه وأصيب بكسور حادة. يقول: “الحادث كان بسبب مطب مفاجئ. أتذكر عندما نُقلت إلى وحدة الطوارئ، كان الحادث رقم أربعة في اليوم ذاته. أربع عوائل تأثرت في يوم واحد على طريق كركوك-بغداد.”

مصعب جاسم، طالب جامعي، تعرض لحادث سير على طريق شهربان قبل 11 شهرًا، مما أدى إلى كسور حادة في ذراعه الأيمن وكلا ساقيه. يقول: “يا للأسف، البعض يعطي المركبات للمراهقين، وهؤلاء يتسببون في الحوادث. المشكلة أن الحوادث لا تنتهي بساعتها، بل تستمر أشهرًا طويلة مع العلاج والعمليات التي تُرهق ذوي الضحايا.”

إحصائيات مرعبة لعام 2024

مدير إعلام دائرة صحة ديالى، فارس العزاوي، وصف عام 2024 بأنه “عام مثقل بالجراح”. وأكد أن المستشفيات الرئيسية في المحافظة، خاصة في بعقوبة، شهدت تسجيل نحو 7000 حادث سير خلال العام. هذه الحوادث أسفرت عن 300 حالة وفاة وأكثر من 4000 إصابة، بينها حالات حرجة تسببت في عاهات مستديمة شملت أطفالًا ونساءً وكبار السن.

أضاف العزاوي: “ردهات الطوارئ استقبلت أكثر من 95% من الحالات بشكل مباشر. بعض الحالات استوجبت إجراء عملية أو اثنتين أو حتى ثلاث لإنقاذ المصابين.”

الأسباب: بين الطرق الخطرة وسلوكيات القيادة

طريق كركوك-بغداد يواصل استحواذه على الحصة الأكبر من حوادث السير بنسبة تصل إلى 35%، وفق العزاوي، فيما توزعت باقي النسب على طريق شهربان وطريق دلي عباس وبقية الطرق الأخرى.

وأوضح العزاوي أن هناك ارتفاعًا واضحًا في حوادث الدراجات النارية و”الستوتات”، مشيرًا إلى أن: “الجزء الأكبر من المصابين هم من المراهقين نتيجة عدم إدراكهم لخطورة الحركات البهلوانية أو السرعة العالية والتجاوز الخاطئ.”

عبد الكريم محمد، ضابط سابق في المرور، أكد أن أسباب حوادث السير متعددة، موضحًا: “يمكن القول إن نصف الحوادث سببها مخالفات واضحة للتعليمات والشروط المرورية، مثل السرعة العالية، والتجاوز الخاطئ، وعدم الالتزام بالسياقات الصحيحة في القيادة. كما أن استخدام الهاتف المحمول أثناء القيادة أصبح عاملًا مهمًا في السنوات الأخيرة، مما يؤدي إلى كوارث راح ضحيتها عوائل كاملة.”

الضغط على الطواقم الطبية

الدكتور محمد جاسم، طبيب في مستشفى بعقوبة، قال إن العديد من الحالات الحرجة التي تصل نتيجة حوادث السير تتطلب تدخلات جراحية متعددة. وأضاف: “الحوادث غالبًا تؤدي إلى كسور في أنحاء مختلفة من الجسم، بالإضافة إلى إصابات بليغة في الرأس أو المعدة. هذا يتطلب تداخلًا جراحيًا لاختصاصات متعددة، مما يستغرق ساعات طويلة من العمل الجراحي المكثف.”

الحلول المقترحة للحد من الظاهرة

لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة، اقترح الخبراء والمختصون عددًا من الحلول، أهمها:

 • تشديد الإجراءات المرورية: منع قيادة المركبات من قبل المراهقين ودون السن القانوني.

 • تحسين البنية التحتية للطرق: معالجة الحفر والمطبات المفاجئة، وإجراء صيانة دورية للطرق الحيوية.

 • تعزيز التوعية المرورية: إطلاق حملات توعية حول مخاطر السرعة الزائدة واستخدام الهاتف أثناء القيادة.

 • فرض رقابة صارمة: محاسبة المخالفين لقوانين المرور.

دعوة للتغيير

عام 2024، وإن لم يكن الأعلى في معدلات الحوادث مقارنة بالسنوات السابقة، إلا أنه يُعد بمثابة جرس إنذار يجب الانتباه إليه. إن استمرار تجاهل هذه الظاهرة سيؤدي إلى خسائر أكبر، سواء على المستوى البشري أو الاقتصادي. “الطرقات يجب أن تكون شريان حياة لا مسرحًا للمآسي.”

أنتج هذا التقرير بدعم من Qarib media الممول من CFI & AFD

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى